ثورة الأفكار

الأحد، يوليو ١٦، ٢٠٠٦

لعبة المحترفين

لعبة المحترفين

لعبة التحضير والأمل.."قواعد اللعبة تغيرت"
17/7/2006

كثيراً ما شدتني مباريات كرة السلة للمحترفين، حيث ينزل إلى الملعب عمالقة البشر، ويرواغون بمهارة فائقة، ثم يقفزون في الهواء في استعراض مذهل، ليتعلقوا في الحلقة، فيصفق الجمهور. ومن أروع ما يميز هذه المبارايات، أن يصوب أحد لاعبي الفريق المهزوم الكرة من بداية الملعب في آخر ثلاث ثوان من المباراة، ليسجل هدف الفوز.
وليس بوسع أي فرد أن يلعب مع المحترفين. فإن لم يتميز بطول القامة، والرشاقة، والجرأة على الاقتحام، والقفز لأعلى المسافات، فهيهات أن يفوز.
وقد رأيت أحد هؤلاء العمالقة، ينتظره الناس أمام شاشات التلفاز مترقبين طلعته، إنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، هذا الرجل الذي يعشق لعبة المحترفين، ويرفض اللعب مع الهواة، ويبذل الجهد في التدريب، وذراعه طويلة تصل إلى أبعد الأهداف.



إنه العملاق بائع الأمل... قد يختلف البعض معه، أو يتساءل عن توقيت تحركه، أو يشكك في أطماعه، أو ينعته بالعمل لصالح أجندات أخرى تتقاطع مع الأجندة الفلسطينية، لكن أمراً وحيداً يصعب اللغو فيه، وهناك قول فصل وشهادة حق يجب أن تعلن.. أن صفات القيادة تتجسد فيه. أي أنني أتحدث عنه الآن كقائد يمتلك رؤية، ويلتقط الفرص التي تخدم قضيته. لم يبحث عن مهمة سهلة يستعرض فيها فريقه، بل قرر أن يسير على الحافة، ولم يذهب في نزهة، بل أعلن المغامرة، فأثبت للناس أن الأمل موجود، وفي الوقت الذي يئست فيه الجماهير، ورأت أنها لا قبل لها بخوض المباراة، وانتظرت معجزة من السماء، إذا به يصوب الكرة من بداية الملعب لتسقط في قلب الهدف في نهاية الملعب، ويغير الموازين بشكل رائع. لقد أثبت إمكانية الفعل، وقرر أنه في الوقت الذي تلتهب فيه مأساة الطائفية في العراق، يمكن أن نسمع السيمفونية المشتركة للسنة والشيعة على أرض فلسطين ولبنان، فالأمة فيها الخير، ولا يمكن تعميم ما يجري في ساحة من ساحاتها على كل بقاعها. لقد عزف ألحان الأمل ببراعة، وكتب كلمات أغنية مفعمة بالإيمان، ينتظر الناس بيانه، لأنه لا يتحدث مثل الآخرين، بل قوله فعل، ووعده نصر، لا يعرف التردد له طريقاً، ولا يتحرك خطوة إلا بعد أن يحدد التي تليها.
إن لاعبي كرة السلة يلعبون وفق قواعد محددة سلفاً، لكنه أراد أن يتفوق عليهم، ويبادر بتغيير قواعد اللعبة، أعلنها قبل أن ينزل الملعب.. "قواعد اللعبة تغيرت"..وتغيير قواعد اللعبة ليس شعاراً خطابياً، وإنما يسبقه تحضير وإعداد وصياغة استراتيجيات وتوقع ردود أفعال.
إن الذين يتحكمون في قواعد اللعبة هم المنتصرون، والذين يصنعون الفعل ولا يقعون أسر رد الفعل هم الأبطال المغامرون، وأولئك القادرون على اتخاذ القرار هم العمالقة الذين يعشقهم الجمهور، أما المترددون ..فمع كل تردد يتقازمون.
--------------------------------------
ملحوظة: تم أخذ السيد حسن نصر الله كنموذج للقيادة وهذا لا يعني أنه لا يخطيء، أو أنني أتفق بالضرورة مع كل أفكاره، ومنطلقاته، ومواقفه، وقراراته.
--------------------------------------